اليوم نأخذكم إلى مدينة ساحرة تقع بين جبال الأنديز، حيث تتناغم الأصالة مع الجمال الطبيعي في تناغم فريد. وجهتنا اليوم هي كوينكا، المدينة الإكوادورية التي تُوصَف بأنها واحدة من أجمل مدن أمريكا الجنوبية. كوينكا، المصنفة ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو، ليست مجرد مدينة تاريخية، بل هي لوحة فنية نابضة بالحياة، بشوارعها المرصوفة بالحجارة، ومبانيها الاستعمارية المزينة بشرفات من الحديد، وكنائسها البيضاء التي تعكس عبق التاريخ.
ننصحكم، في بداية زيارتكم للمدينة، بالتوجه إلى ساحة كالديرون، القلب النابض للمدينة القديمة. هنا يمكنكم الاستمتاع بجمال الكاتدرائية الجديدة ذات القباب الزرقاء اللافتة، والتي أصبحت رمزًا للمدينة. وفي الجوار، توجد الكاتدرائية القديمة إيغليسيا دي سانتياغو، التي تحولت إلى متحف يعرض تاريخ مدينة كوينكا الديني والثقافي.
إن كنتم من محبي الثقافة، يمكنكم زيارة متحف باناماهات، حيث ستتعرّفون إلى الحِرَف التقليدية لصناعة قبعات الباناما الشهيرة، التي تعود أصولها، في الحقيقة، إلى الإكوادور وليست إلى باناما كما يعتقد البعض. يمكنكم مشاهدة الحرفيين وهم ينسجون القبعات من أوراق النخيل، وتجربة ارتداء واحدة منها بأنفسكم.
أما لعشّاق الطبيعة، فننصحكم بالتوجه إلى نهر تومي بامبا، الذي يقسم المدينة إلى نصفين، ويُعدّ من أجمل الأماكن للتنزّه. تنتشر على ضفافه المقاهي والمكتبات والمنازل الاستعمارية المطلة على الماء، في مشهد شاعري يبعث على السكينة.
كما يمكنكم قضاء بعض الوقت في حديقة كاخاس الوطنية، حيث تنتظركم بحيرات جبلية خلّابة وممرات مشي وسط الغابات العالية.
كوينكا تحتضن أيضًا مجتمعًا مسلمًا صغيرًا ونشطًا؛ يمكنكم التواصل مع المركز الإسلامي في كوينكا للاستفسار عن مواقع الصلاة، أو البحث عن المطاعم التي تقدم وجبات حلال، خاصةً أن ثقافة الاحترام والتسامح متجذرة في سكان المدينة.
من الجوانب الممتعة في كوينكا أيضًا أسواقها التقليدية، حيث يمكنكم شراء الفواكه الاستوائية الطازجة والأعشاب الطبية. كما يمكنكم اقتناء بعض المنتوجات اليدوية، واستكشاف الحِرَف التقليدية كالنسيج وصناعة الفخار.
في كوينكا، ستشعرون وكأن الزمن قد تباطأ، ليتيح لكم الاستمتاع بالتفاصيل الصغيرة: نغمة القطار القادمة من شرفة قديمة، رائحة الخبز الطازج في الصباح، أو ابتسامة امرأة عجوز تظهر عند زاوية الشارع... كل ذلك سيجعلكم تشعرون بجمالية مختلفة.
كوينكا ليست فقط مدينة جميلة، بل هي تجربة روحية وثقافية هادئة، مثالية للباحثين عن الراحة، والتأمل، والاقتراب من الطبيعة والناس.