يُعدّ البابونج من النباتات العطرية الشهيرة التي تنمو في مناطق مختلفة من العالم، ويتميّز برائحته المنعشة ونكهته الزكية وفوائده الطبية المتعددة. يُزرع هذا النبات في أوروبا وآسيا وشمال إفريقيا، وله أنواع عدة تختلف في الشكل والرائحة والاستخدام.
أنواع البابونج
ينمو البابونج الألماني في أوروبا الغربية، ويُستخدم على نطاق واسع في صناعة الزيوت العطرية والعطور ومستحضرات التجميل. أما البابونج المغربي، فهو نباتٌ معمر يرتفع إلى نحو ستين سنتيمترًا، وتشبه أزهاره أزهار البابونج الألماني لكنها أكبر قليلًا، ذات أوراقٍ خشنة الملمس، وزهورٍ بيضاء بمراكز صفراء. وتتميّز نكهته ورائحته بالقوة والتميّز، ويُستخدم في المغرب لاستخلاص الزيوت العطرية ويُعرف محليًا باسم الشيبة.
إلى جانب ذلك، هناك البابونج البري الذي يُعد أقل شيوعًا، لكنه موجود في الطبيعة بارتفاع يصل إلى خمسين سنتيمترًا، وله أزهارٌ بيضاء صغيرة بمركزٍ أصفر وملمسٍ ناعم، وأوراقٌ رفيعة خضراء. يتمتع هذا النوع بنكهاتٍ ورائحةٍ مشابهةٍ للبابونج الألماني، وينمو في مناطق واسعة من آسيا وأوروبا، ويُستخدم كمشروبٍ ساخنٍ وفي مستحضرات العناية بالبشرة والأدوية العشبية.
ومن الأنواع المميزة أيضًا البابونج الأصفر، وهو من النباتات المعمرة التي يتراوح ارتفاعها بين ستين وتسعين سنتيمترًا. تمتاز أزهاره بلونها الأصفر الكامل وملمسها الناعم وأوراقها المشعّرة، وتكون نكهته ورائحته أقل حدّةً من الأنواع الأخرى. يُزرع هذا النوع في أوروبا وآسيا، ويُستفاد منه في الزينة وصناعة الأصباغ الطبيعية.
طرق الزراعة والعناية
زراعة البابونج ليست معقدة كما يظن البعض، لكنها تحتاج إلى بعض الأساسيات لضمان نجاحها. يُفضل البابونج التربة الرملية الجيدة التصريف للمياه، كما يمكنه النمو في التربة الطينية بشرط أن يكون تصريفها جيدًا. ويُنصح بأن تكون التربة غنيةً بالمغذيات مع إضافة السماد العضوي قبل الزراعة.
يحتاج البابونج إلى ضوء الشمس الكامل لينمو بشكلٍ جيد، إلا أنه يتحمل بعض الظل الجزئي يوميًا. وتُزرع بذوره عادةً في فصل الربيع عبر نثرها على سطح التربة مع المحافظة على رطوبتها باستمرار. تبدأ البذور بالإنبات خلال أسبوعين تقريبًا، وخلال الأسابيع الأولى يُنصح بريّ النباتات بانتظام، ثم يُقلَّل الريّ بعد أن تنمو جيدًا.
حصاد وتجفيف الأزهار
تُصبح أزهار البابونج جاهزةً للقطف عندما تتفتح بتلاتها بالكامل ويبرز مركزها الأصفر، وغالبًا ما يكون ذلك في أوائل الصيف. ويُفضّل قطفها في الصباح بعد تبخّر الندى للحفاظ على الزيوت العطرية.
أما تجفيف البابونج، فيُعدّ خطوة مهمة للحفاظ على خصائصه. ويمكن القيام بذلك بالطريقة التقليدية عبر نشر الأزهار في مكانٍ مظللٍ وجيد التهوية على صوانٍ أو شبكاتٍ، مع تقليبها بانتظام لتجفيفها بالتساوي. كما يمكن استخدام مجفف الأعشاب أو الفرن بحرارةٍ منخفضة لتسريع العملية. بعد التجفيف، تُخزَّن الأزهار في عبواتٍ زجاجيةٍ محكمة الإغلاق وتُحفظ في مكانٍ باردٍ ومظلمٍ.
الفوائد الصحية للبابونج
يُعرف البابونج بخصائصه الطبية العديدة. فهو يحتوي على مركّباتٍ تساعد على الاسترخاء وتهدئة الأعصاب وتخفيف التوتر والقلق، كما يُحسّن جودة النوم ويُعالج الأرق. يحتوي أيضًا على مضادات أكسدةٍ تقلل من الالتهابات في الجسم، ويُستخدم موضعيًا لعلاج التهابات الجلد والأكزيما والتهيجات والحروق البسيطة.
يساعد شاي البابونج كذلك على تخفيف مشكلات الجهاز الهضمي مثل الغازات والانتفاخ والغثيان، ويُعد مفيدًا في حالات القولون العصبي. كما يمتلك خصائص مضادّة للبكتيريا والفيروسات، ما يجعله مساهمًا في تعزيز وظائف الجهاز المناعي. ويُستخدم كغسولٍ فموي طبيعي لعلاج التهابات اللثة والتقليل من رائحة الفم الكريهة.
الآثار الجانبية والاحتياطات
على الرغم من فوائده العديدة، إلا أن للبابونج بعض التحذيرات التي يجب الانتباه إليها. فقد يسبب ردود فعلٍ تحسسية لدى بعض الأشخاص، خصوصًا أولئك الذين يعانون حساسيةً من نباتات عائلة النجميات. وتشمل الأعراض الطفح الجلدي والحكة وتورّم الوجه أو الحلق وصعوبة التنفس.
كما أن تناول كمياتٍ كبيرةٍ من البابونج قد يؤدي إلى تهيّج المعدة أو الغثيان. ومن جهةٍ أخرى، قد تتعرض بعض منتجات البابونج للتلوث بالفطريات أو الملوثات الأخرى إذا لم تُحفَظ وتُعالَج بشكلٍ صحيح، لذا يُنصَح بشراء المنتجات من مصادر موثوقة وفحصها جيدًا قبل الاستخدام.
