يُعدّ السمسم من أقدم النباتات الزيتية التي عرفها الإنسان، وتُزرع أنواعه المختلفة في مناطق متعددة حول العالم، حيث تتميز كل فصيلة بخصائصها المميزة من حيث اللون، والطعم، والرائحة، وحتى الفوائد الصحية.
أنواع السمسم وخصائصها
يأتي السمسم الأسود في مقدمة الأنواع المميزة، إذ يتميز بلونه الداكن ونكهته القوية والعميقة مقارنة بالسمسم الأبيض، كما أن رائحته أكثر وضوحًا. يُزرع هذا النوع أساسًا في الهند وميانمار، وهما من أكبر المنتجين له عالميًا، ويُستخدم في المأكولات الآسيوية مثل السوشي والحلويات اليابانية والصينية، كما يدخل في إعداد السلطات والمخبوزات.
أما السمسم الأحمر، فيتشابه مع الأنواع الأخرى من حيث شكل النبات، غير أن بذوره الصغيرة والناعمة تمتاز بقشرة بنية محمرة من الخارج، ولبٍّ أبيض أو بني فاتح من الداخل. وتكون زهور نبتته وردية أو بيضاء اللون، وتتميز نكهته بالقوة والتميز، إذ تُعدّ أقوى من نكهة السمسم الأبيض. يُزرع هذا النوع في الهند وبعض المناطق الإفريقية، ويُستخدم في الأطعمة التقليدية وبعض الصناعات الطبية.
في المقابل، يتميّز السمسم الذهبي بلونه الجميل ونكهته المعتدلة التي تقع بين طعم السمسم الأبيض والأسود. بذوره صغيرة وناعمة، ذهبية من الخارج، وبيضاء أو صفراء فاتحة من الداخل. تنبت عليه زهور بيضاء أو وردية، ويُزرع في الهند وإثيوبيا وعدد من الدول الآسيوية. ويُستخدم بكثرة في الطهو والتزيين بفضل لونه الجذّاب، فضلًا عن استعماله في الحلويات والمخبوزات.
زراعة السمسم
تبدأ زراعة السمسم بتحضير تربة جيدة التصريف للمياه وغنية بالمواد العضوية، ويفضَّل أن تكون التربة رملية أو طينية رملية. يحتاج النبات إلى مناخ دافئ ومشمس ودرجة حرارة تتراوح بين 25 و35 درجة مئوية، مع موسم جاف، لأن كثرة الأمطار قد تؤدي إلى تعفّن النبات. لذلك تُزرع المحاصيل عادة مع بداية الربيع في المناطق المعتدلة، وفي أواخر الشتاء أو أوائل الربيع في المناطق الحارة.
تُزرع البذور مباشرة في الأرض على عمق يتراوح بين سنتيمتر إلى اثنين، وتُترك مسافة بين الصفوف تتراوح بين 30 و50 سنتيمترًا، مع الحفاظ على رطوبة التربة في البداية. ويتمّ حصاد السمسم عندما تتحول القرون إلى اللون البني ويجفّ النبات، أي بعد مرور نحو 90 إلى 120 يومًا من الزراعة. بعدها تُترك القرون لتجف تحت أشعة الشمس، ثم تُفرَّق لاستخراج البذور وتنظيفها وتخزينها في مكان جاف وبارد لضمان الحفاظ على جودتها.
القيمة الغذائية والفوائد الصحية
يُعتبر السمسم من الأغذية الغنية بالفيتامينات والمعادن، إذ يحتوي على فيتامينات ب1، ب2، هـ، ومعادن مثل الكالسيوم، المغنيسيوم، الحديد، الزنك، الفوسفور، والنحاس. كما أنه مصدرٌ ممتاز للبروتين النباتي والألياف الغذائية والأحماض الدهنية غير المشبعة كأوميغا-6.
يساعد السمسم على خفض مستويات الكوليستيرول الضار (LDL) ورفع مستويات الكوليستيرول الجيد (HDL)، مما يساهم في حماية القلب والأوعية الدموية. كما أن الكالسيوم والمغنيسيوم الموجودين فيه يعززان صحة العظام والأسنان، ويساعد المغنيسيوم في استرخاء الأوعية الدموية وخفض ضغط الدم.
تُسهم الألياف الموجودة في السمسم في تحسين حركة الأمعاء والوقاية من الإمساك، بينما يساعد البوتاسيوم في موازنة مستويات الصوديوم في الجسم. أما الزنك، فيعزّز وظائف الجهاز المناعي ويساعد على التئام الجروح، في حين تحمي مضادات الأكسدة خلايا الجسم من أضرار الجذور الحرة.
ومن الفوائد الأخرى، أن السمسم وزيته يساعدان في تحسين التنفس وتقليل أعراض الربو، وتنشيط الكبد وتعزيز وظائفه. كما يساهم فيتامين ب1 (الثيامين) في تحسين المزاج وتقليل التوتر، بينما تساعد الأحماض الأمينية مثل التريبتوفان في تحسين جودة النوم.
ويُعدّ السمسم كذلك مصدرًا جيدًا لحمض الفوليك الضروري لتكوين الأنبوب العصبي لدى الجنين.
الاعتدال مفتاح الاستفادة
رغم كل تلك الفوائد، إلا أن الاعتدال في تناول السمسم ومشتقاته ضروري لتجنّب أي آثار جانبية قد تنتج عن الإفراط في استهلاكه. فكما هو الحال مع كل غذاء غني بالدهون والزيوت، الإفراط فيه قد يؤدي إلى زيادة في السعرات الحرارية أو مشاكل في الهضم.