يُعدّ الرشاد من النباتات العشبية المفيدة التي تجمع بين النكهة المميزة والقيمة الغذائية العالية، إلا أن تنظيفه من الشوائب والأعشاب غير الصالحة يُعدّ من أكثر المهام المرهقة لربّات البيوت، نظرًا لدقّة أوراقه وتشابكها مع الأعشاب الأخرى. ومع ذلك، فإن الجهد المبذول في تحضيره لا يضيع سدى، فالرشاد نبات غني بالفوائد الصحية ومتنوع الأنواع والاستعمالات.
ينتمي الرشاد إلى عائلة الخضروات الكرنبية، وهو نبات معروف منذ القدم في مطابخ شعوب البحر الأبيض المتوسط وجنوب غرب آسيا. وتتنوع أنواعه باختلاف البيئات الزراعية، مما يمنحه خصائص شكلية ونكهية مختلفة.
النوع الأول هو الرشاد الحار، وتكون أوراقه صغيرة ومدوّرة قليلًا، وساقه رفيعة، وملمس أوراقه ناعم ورقيق. يمتاز بلونٍ أخضر داكن من الخارج وأخضر فاتح من الداخل، وبنكهة حارة لاذعة ورائحة منعشة تشبه الفجل. يُزرع الرشاد الحار في مناطق البحر الأبيض المتوسط، ويُعرف أحيانًا باسم الحبّة الحمراء. ويُستخدم في السلطات والتوابل لإضافة نكهة حارة مميزة إلى الأطعمة.
أما النوع الثاني فهو الرشاد الأخضر، وتكون أوراقه أكبر حجمًا وبيضويّة الشكل ذات ملمس ناعم، ولونها أخضر فاتح من الخارج وأخضر باهت من الداخل. يتميّز بنكهة أخفّ من الرشاد الحار وبحِدّة أقلّ، مما يجعله مناسبًا للطهو اليومي. يُزرع هذا النوع في مناطق متفرقة من العالم، كأوروبا وآسيا، ويُستخدم في السلطات، والسندويشات، والعصائر الخضراء.
في حين أن الرشاد البري يتميّز بأوراق وساق رفيعة تشبه الأعشاب البرية، وملمس أوراقه خشن قليلًا. لونه أخضر متوسط من الخارج والداخل، ونكهته أقل حدة، ورائحته خفيفة. ينمو طبيعيًا في المناطق البرية في أوروبا وآسيا، وغالبًا ما يُستخدم في الأطباق الشعبية والتقليدية.
أما الرشاد المائي، فهو نوع آخر ذو أوراق رقيقة وساق طويلة نسبيًا، ولونه أخضر داكن من الخارج وأخضر فاتح من الداخل. نكهته مائية خفيفة ورائحته منعشة، ويُزرع في البيئات الرطبة والمائية، ويُستخدم بكثرة في السلطات والمقبلات.
من حيث الزراعة، فإن الرشاد نبات سهل النمو ولا يحتاج إلى عناية معقدة، إذ يكفي أن تتوافر له تربة خصبة وجيدة التصريف، تُحافظ على رطوبتها باعتدال. ويُزرع عادة في فصلي الربيع أو الخريف حين تكون درجات الحرارة معتدلة، أي بين 10 و25 درجة مئوية، ويمكن أيضًا زراعته طوال العام إذا كانت الظروف المناخية مناسبة. تُنثر بذوره على سطح التربة وتُغطى بطبقة خفيفة منها، مع الحرص على ريّها بانتظام دون إفراط، لأن النبات لا يتحمل الجفاف ولا التربة المشبعة بالماء.
ويُفضل أن يُزرع الرشاد في مكان يتعرض لضوء الشمس الجزئي إلى الكامل. ومن مميزات هذا النبات أنه سريع النمو، إذ يمكن قطف أوراقه بعد ثلاثة إلى أربعة أسابيع من زراعته، عندما يبلغ طولها نحو عشرة سنتيمترات. ويُنصح بقطع الأوراق بمقص أو سكين حادّة، مع ترك الجذور في التربة لتمكين النبات من النمو مجددًا.
من ناحية التخزين، يتلف الرشاد بسرعة إذا لم يُحفظ في ظروف تبريد مناسبة، أو إذا تُرك في الهواء الطلق لفترات طويلة، لذلك يُفضل حفظه في البراد بعد غسله وتجفيفه جيدًا.
ولا تقتصر أهمية الرشاد على قيمته الغذائية، بل تمتد إلى فوائده الصحية المتعددة. فهو غنيّ بالفيتامينات والمعادن، مثل فيتاميني (ج) و(ك)، والبوتاسيوم، والكالسيوم، وهي عناصر أساسية لدعم الصحة العامة وتقوية الجسم. كما يلعب فيتامين (ك) دورًا مهمًا في تقوية العظام والحفاظ على كثافتها، مما يقلل من خطر الإصابة بأمراض مثل هشاشة العظام.
يحتوي الرشاد أيضًا على مركّبات مضادة للأكسدة تساعد في مكافحة الجذور الحرة وتقليل التأثيرات الضارة للأكسدة على الخلايا. وتُشير الدراسات إلى أن استهلاكه المنتظم قد يساهم في تعزيز صحة القلب وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.